بقلم : وحيد القرشي التاريخ سيظل شاهد علينا نحن المصريين في يوم عظيم ,يوم تاريخي ,ثورة 25 يناير التي تمتع بها الشعب ,وبقيت حاضرة بكل تفاصيل الثورة في وجدان ومشاعر كل المصريين ,ثورة أبهرت العالم وجعل الكثير من قادتها يتباهون بما جري في مصر ,ثورة عظيمة وخالدة ولن تأتي ثورة مثلها ,ومن يقول غير ذلك فهو مخطئ ويريد تغير الحقيقة والتاريخ ,ثورة أظهرت معدن الشعب المصري الأصيل ,وثقافة وحضارة منذ ألاف السنين ,وقدرة وصمود شعب علي تحمل المصاعب والشدائد والازمات ,والوقوف أمام حكم ظالم ومستبد حتي يتنحي ويرحل ,وقد كلف ذلك دماء وأرواح خيرة شباب مصر ,وجدنا كل شئ يحدث في الثورة ,وكاننا في حالة من التعايش والترقب لحدوث شئ ما ,ولو أستمر الوقت طويلا قبل ان يتنحي الرئيس والنظام ,لأستمر الشعب يجسد ملحمته الموسيقية في شوارع مصر المحروسة ,رافعين رايات الغضب والحرية والمطالبة بالرحيل ,وجدنا دراما وتراجيديا لم تكن مفتعلة ,وجدنا الفاكهة والنكتة والضحك ,وجدنا ثورة حقيقية في بلد يثور فيها أبو الهول أولا ,ثم يثور المصريين ,وما حدث كان شاهدا وصادقا علي ذلك ,وجدنا ملحمة عظيمة بكل المقاييس ,وحالة من الود والحب والأخوة جمعت المصريين جميعا في وقت واحد ومكان واحد ,دون ترتيب أو سابق ميعاد .ثورة لم تفرق بين مسلم ومسيحي ,وغني وفقير ,ولم تفرق من أي مكان تكون , فالكل مصريين ثاروا بالجموع والملايين وبالتحدي والأرادة ,واجهوا النار التي لم تكن باردا وسلاما ,بل وجدت لأحراق من يدافع عن الشرف والعزة ,واجهوا الماء الذي أستعمل عكس وظائفه لغرض ليس الحياة ,وجد لأبادة وقتل من يرفع راية الحرية وسقوط الظلم ,وقد قال ابن خلدون ” الظلم مؤذن بخراب العمران ” ,وقف المصريين بكل أرادة وقوة ,وقفوا بالأسماء والوجوه والبشر في مواجهة أجهزة أمنية كانت منزوعة الملامح والاخلاق ,ظلمت وداست علي أرواح المصريين فترة طويلة ,ولم يكن في حسبانهم أو حساب اي شخص ما حدث في ثورة يناير ,هؤلاء الذين ولدوا علي أرض مصر ,وجدوا الشمس تشرق من الشرق ,وتغرب من الغرب ,وحسني مبارك رئيسا لمصر ,وجدوا أنفسهم أمام تحدي عظيم ,فقد تحدوا بقوة وجسارة نظاما لم يكن متوقع سقوطه أطلاقا ,ولم يكن يخطر في تفكير بشر ما حدث ,وجدوا أنفسهم في تحدي عظيم ,وكأنهم يتحدون الطبيعة نفسها ,ولعلها تكون الثورة التي حظيت بأكبر تغطية في التاريخ ,ثورة ككل الثورات التي حدثت علي مر العصور ,ولكنها ليس ككل الثورات ,لقد أفرزت وأوجدت أشياء ,لم تكن موجودة في الثورات التي حدثت من قبل ,قيل أن كل من يأتي مصر يتمصر ,كما قال شاعر العراق الكبير مجدي الجواهري ,حتي الطبيعة عندها تتمصر ,وتتلون بلون مصر والمصريين ,وكل دقيقة مرت في ثورة يناير ,تحكي لنا ملحمة ولوحة ترسمها أرادة شعب ,وتلقفها عدسات الكاميرات ,لتنقلها لأنظار ومسامع العالم ,الذي كان يشاهد ويستمتع ويتعلم بما يحدث في ثورة يناير المجيدة ,وجدنا الكثير من المشاهد واللقطات الأشهر في القرن العشرين ,وجدنا رجل الدبابة في الميدان بزيه العسكري يتمصر ويثور ,ويقف بجانب الثورة والثوار ,فكل شئ في مصر يتمصر ويتلون بطبيعتها وطيبة شعبها العريق ,وسوف تجد في ثورة مصر فقط ,الأطفال أثناء الثورة لا يسكنون البيوت ,خوفا من الدبابات والرصاص ,بل يقنعوا أبائهم بصحبتهم ألي ميدان التحرير ,لمشاهدة الثورة والثوار ,وكأننا نعيش في عرس وملحمة موسيقية يعشقها الصغار قبل الكبار ,في ثورة مصر ,وجدنا طفلا عمره خمس سنوات قائد لثورة ,ويجلس علي أكتاف والده ويصرخ بأعلي صوت دفاعا عن مصر ,وجدنا الاطفال ثوار حقيقين ,تعلموا الثورة قبل الكلام ,وميدان التحرير أستعاد لقبه ,وأصبح علامة وذكرة خالدة في تاريخ مصر والعالم ,سوف نجد في ثورة يناير فقط يمكن للعروسين ,بدل أن يتم زفافهم في سيارة مكشوفة في الهواء ,فضلوا زفهم في ميدان التحرير أمام دبابة من طراز أم 60 ,وجدنا الزغروتة والطلقة في هواء واحد وفي وقت واحد ,ولن يحدث ذلك الأ في مصر ,وفي ثورة مصر وجدنا ذكريات كانت وما زالت حاضرة في عبق التاريخ ,أشعرتنا بالحنين أليها ثورة يناير ,وفي ثورة يناير ,وجدنا دراما وتراجيديا من نوع أخر وحالة من الشد والجذب في وقت واحد ,وقوة وحماس وصمود ,ودبابات للامن المركزي ,وأخري للجيش ,وبلطجية بملابسهم القذرة ,وأسلحتهم الغادرة ,ووسط حالة الترقب من الجميع ,لم يخلو الميدان من الفكاهة والنكت والضحك ,وجدنا شبابا يلعبون أدوار لأحد نجوم الفن في الهند ومصر والعالم ,في مصر فقط سوف تجد كل ذلك ,وقد حدثت الكثير من الثورات عبر التاريخ ولم يحدث شئ من ذلك ,لقد كانت الفكاهة بيانا ثوريا ,فنظام مبارك لم يكن سهلا ,فثمانية عشرة يوما ,مرت علي الثوار كأنها الدهر ,وفي وسط الميدان سوف تجد كل شئ ,الحلاقة كانت بالمجان وبالطابور ,وما حدث في ثورة يناير لم يرد في أي كتاب أرشادات لأي ثورة سابقة ,ولم ييأس الثوار من تمسك النظام الخارق للطبيعة بزمام السلطة ,فأضافوا أعمال أبداعية للثورة من نوع خاص ,فقاموا بفعل زار ثوريا لصرف الرئيس وأنجاح الثورة ,ولم يكن للثوار قائد ,ولم تفرز ذلك ,بل أفرزت وأوجدت حلاق الثورة ,ومغنيها ومنشيديها ومبدعيها ,في ثورة مصر يمكن ان تصور كل شئ كما يحدث وتثور وتشارك في الحدث في وقت واحد ,,وتنشره ليرأه العالم ,وجدنا بائع البطاطة في وسط الميدان ,وسط الثوار والمظاهرات ,وجدنا من يسمون أنفسهم النخبة وسط الميدان ,وجدنا الشباب في الميدان وفي غرفة عملياتهم يرقصون ويهللون ويبكون من الفرحة بنجاح الثورة ,وقد تأتي الكثير من الثورات في الالفية القادمة ,ولن يأتي مشهد كهذا الذي رأيناه في ثورة يناير ,والذي حمل عنوان الخرافة والحماقة والطرافة في وقت واحد ,وجدنا عبقرية الزمان والمكان والجهالة والرجوع لزمن الصحراء في وقت واحد ,وجدنا أستخدام أحدث أنواع التكنولوجيا وأدارة الحدث من خلال اللاب ,وفي المقابل وجدنا بعير وسط الميدان ,وحالة من العبط وغياب العقل والوعي ,في مصر فقط ,يتلون كل شئ ويتمصر بلون مصر ,فقد حملت ثورة يناير ثورة دموية حمراء ,وثورة الياسمين ,وأخري بيضاء ,فالمصريون علموا العالم كيف تكون الثورات ,وكيف تكون ساحرة وساخرة ودامية وداهية ومحبة للحياة ومحبة للحرية في ثورة واحدة ,تمصرت بطبيعة مصر فقط ,وجدنا الكثير من اللقطات والمشاهد والتي عبرت عن عراقة وأصالة الشعب المصري ,وجدنا كبار السن من الرجال والنساء في قلب الحدث في الميدان ,فثورة مصر ,جمعت الفقراء والاغنياء في مكان واحد وفرش واحد وأكلة واحدة ,وجدنا الحب والاخوة والصداقة والتي دامت بعد أنتهاء الملحمة ,لانها تمصرت بدماء وطبيعة مصر ,أم الدنيا وصاحبة الحضارة العريقة منذ الاف السنين ,تغير كل شئ بمرور الزمن .المكان والشكل واللون ولكن طبيعة المصريين لن تتغير ,وستظل كما هي عبر التاريخ ,لأنها تمصرت بطبيعة المصريين ,وأرتوت بمياه النيل ,في ثورة يناير,كل شئ كان له طبيعة خاصة ,تعلمنا مسك الحجارة من أطفال فلسطين الشقيقة ,ولكن المصريين أبدعوا في ذلك ,وجدنا الرقص والطبل والعزف والزغاريد ودماء تسيل ,وارواحا تقتل من أجل مصر ,وبكاء وصراخ يعقبه فرحة بالشهادة ونيل شرفها ,والتي تمناها كل الثوار ,أصبح كل شئ لا قيمة له من أجل مصر وأنجاح ثورتها ,فبعقرية الزمان والمكان ستظل شهادة للتاريخ وللأجيال القادمة علي أصلة الشعب المصري ,وفي ثورة مصر فقط وجدنا لافتة كتب عليها بالهيروغليفي “يمكن تفهم يا فرعون أرحل “,واخري ” يا بارد أنا سقعت من البرد ” ,وجدنا بعض الفقراء بملابسهم التي تدل علي ذلك ,يضحكون أمام الكاميرات ويحملون لافتة كتب عليها أنا زهقت من الكنتاكي أرحمني وارحل ,ولافتة اخري ,ارحل الوليه عاوز تولد والواد مش عاوز يشوفك .وجدنا رجل يحمل أبنه علي كتفه ويجول به ميدان التحرير ,ويحمل لافتة كتب عليها ,أرحل كتفي وجعني ,وجدنا أيضا مشجعي كرة القدم ,يحمل لافتة كتب عليها ,انجز وأرحل ,صدقنا الزمالك هيأخد الدوري ,ولن يحدث ذلك الا في ثورة المصريين وجدنا غواصين تحت الماء يحملون لافتة كتب عليها ,أرحل قبل الهواء ما يخلص ,وجدنا الاب وأبنه وبنته بل الاسرة بأكملها وسط الميدان والمظاهرات .وجدنا كل شئ جميل في ثورة 25 يناير ,ثورة لم تكن متوقعة ,ولم تكن في الحلم او الحسبان ,وكأنها ولدت فجأة ,وكانت من طراز خاص ,كل شئ تمصر بطبيعة ولون مصر ,أطلقنا عليها الكثير من المسميات لانها تحمل الكثير من العبر ,وجميعها ترمز لثورة خالدة ,وسوف تدرس في العالم ,فثورة يناير ,شهادة للتاريخ علي أصلة الشعب المصري ,فتحيا مصر ,ويحيا كل المصريين .